لنفرض أنّك قضيت فترة وأنت تتدرّب وترفع الأوزان يومياً، ثم أخذت بعدها فترة استراحة من التمرين لمدة معينة أسبوع أو شهر مثلاً،  ثم بدأت بعد انقطاع بالعودة إلى التمرين، ستلاحظ بأنك تستعيد قوتك بشكل أسرع من المرة الأولى التي بدأت فيها التمرين.

حسناً، هذه ليست خدعة قام بها عقلك، بل هي حقيقة مثبتة بالدراسات العلمية، وتدعى بظاهرة "الذاكرة العضلية"، ولكن ماذا يحدث بالفعل؟

الخلايا العضلية مجهزة بشكل خاص لتتجه نحو النمو

هناك حقيقة عن الخلايا العضلية بأنّها كبيرة الحجم وإحدى أهم خلايا الجسم المليئة بالنوى، أي أنّ الخلية العضلية لا تحتوي نواة واحدة كما معظم الخلايا، بل إنّها تحتوي بداخلها عدة نوى، ووجد أنّه عندما تزيد شدة التمارين على عضلاتك كما في تمارين المقاومة المجهدة، فإنّ هذه الخلايا تبدأ بتوليد نوى جديدة تحفز إنتاج بروتينات جديدة، مما يؤدي إلى زيادة حجم هذه الخلايا العضلية، وتحديداً فإنّ نوى الألياف العضلية إحدى أهم المكونات المسؤولة عن زيادة حجم هذه الخلايا.

إذاً التمارين المُجهدة (العنيقة والشديدة) تزيد نوى الألياف العضلية مما يسمح بزيادة حجم العضلات، ولكن ماذا يحدث للعضلات عند التوقف عن التمرين لفترات متباعدة؟ أو بمعنى آخر ما هي آلية الذاكرة العضلية؟

آلية الذاكرة العضلية

كان يُعتقد سابقاً أنّ التوقف عن التمرين سيعرض النوى في خلايا العضلات للموت الخلوي المبرمج، ولكن ما يحدث خلال التوقف عن التمرين بأنه ستصبح العضلات أصغر وأضعف وسيظهر هذا بوضوح بعد أسبوعين من الانقطاع، ولكنّ النوى الجديدة التي أُضيفت خلال فترة التمرين يتم الاحتفاظ بها على الأقل لمدة ثلاثة أشهر من عدم التمرين، أي أنّ هذه النوى الجديدة لن تتعرض للموت الخلوي المبرمج كما كان شائعاً، أي أنّ تمارين المقاومة المجهدة تحفز توليد تغيرات فيزيولوجية دائمة في الألياف العضلية من خلال استمرار وجود هذه النوى.

وبالتالي نستنتج أنّ قوة العضلات تبقى بفعل هذه النوى الجديدة، ولكن يقل حجمها بسبب أنّه بعد فترة طويلة يصبح معدل تفكك البروتين أعلى من معدل انتاجها، أمّا النوى لا يحدث لها شيء لذلك عند العودة إلى التمرين فإنّ هذه العضلات سيعود حجمها بسرعة لوجود نوى جاهزة ستؤدي مع العودة إلى التمارين إلى انتاج البروتين مما يؤدِّي إلى عودة زيادة حجم العضلات، وبالتالي فإنّ الاحتفاظ بهذه النوى سيجعل نمو العضلات أسرع و أسهل لشخص منقطع عن التمرين مقارنة مع شخص مبتدئ في التمارين بدون تاريخ سابق له لممارسة الرياضة، وهذا ما يسمى فيزيولوجياً "الذاكرة العضلية".

"الذاكرة العضلية" صديقة كل لاعب كمال أجسام

أثبت العلماء حقيقة أنّه كلما زاد محتوى عضلاتنا من النوى ونحن بعمر صغير، سيحقق ذلك فائدة عظيمة لعضلاتنا مع التقدم بالعمر، بسبب أنّ بناء العضلات سيصبح أصعب في عمر متقدم، كما أنّضه قد تقل كتلتها مع التقدم بالعمر.

إذاً مادام جسمك متأقلماً للراحة من التمرين لعدة أسابيع أو أشهر، فقد تجدها وسيلة أسهل لإعادة كسب العضلات عندما تعود للتمرين مرة أخرى كون أن العملية ستكون أسرع مقارنة بشخص مبتدئ يمارس للمرة الأولى، ولكن لا مانع من الذهاب قليلاً للتمرين حين يسمح لك الوقت حتى تتمكن من الحفاظ على قوة العضلات وحجمها أيضاً خلال هذه الفترة من الانقطاع.